العرائش سيتي:عبد الخالق محفوضي
لا يزال ذلك الرنين الآتي لحنه من أقاصي أرض “الشْلُوحْ” يراود ذاكرتي و كأنه بالأمس القريب٫كلما مرت فضيحة من تلك التي تتوالى بهذا البلد الإستثنائي٫ بدون أن تشتغل تلك الآلة التي ظن الشعب المغربي بأنه تم ربط مبدئها فعلا بالمحاسبة حسب ما ورد بدستور 2011 ٫بعدما تم الإستغناء على المبدأ و المسؤولية و أصبحت فقط ” رَبْطُ المُحاسبة ” بمفهوم الإحتجاز٫ليصبح المسؤول خارج إطار المحاسبة و بالتالي يعيث في الأرض فسادا ما دامت تلك الآلية العقيمة (المربوطة) لا تجدي نفعا….
صوت الهاتف يرن و يرن و لا من مجيب٫ و يظل كذلك إلى أن ينقطع مع إنتهاء محاولات رجال الوقاية المدنية الحثيثة٫ عند منتصف النهار ٫لإنتشال جثة الشاب ذي 19 سنة من العمر٫القادم من مدينة ” إفران ” للعمل كعامل بناء بدون أبسط شروط و حقوق المياوم البسيط٫ حيث سيكون قدر جسده النحيل أن تجثم عليه أطنان من الإسمنت المسلح و تزهق روحه إلى الأبد٫نتيجة الفساد و الغش في معايير عملية بناء عمادات القاعة المغطات بغابة لايبيكا٫بعدما هوى عليه المدرج بأكمله و أرداه قتيلا في الحين٫ و ظل عالقا لساعات ٫كانت كافية للمئات من ساكنة العرائش لتحج لعين المكان و تكون شاهدة على موت شهيد الفساد ٫ذلك الحادث المأساوي٫و التي لا تزال أحداثه راسخة و محفورة في ذهني ذلك الصباح ٫و صوت الهاتف يرن و يتردد في جيب سترة الضحية بذلك اللحن “الشَّلْحِي” الحزين ٫بدون أن يتمكن أحد من إسكاته و هو معلق بين السماء و الأرض…
يقترب ذلك الحادث المأساوي الذي تتذكره ساكنة العرائش جيدا٫ من إستكمال السنة الثانية٫ حيث تم إستهلاك العشرات من المقالات في حينه بأغلب الجرائد و المواقع الإلكترونية المحلية و الوطنية و لقبته أغلبيتها بشهيد الفساد بمدينة العرائش٫ لتتناساها مباشرة و يقفل الملف الذي قيل أن تحقيقا فتحته النيابة العامة لتحديد المسؤولين عنه٫ مع توالي الفضائح و الكوارث بمختلف المدن المغربية٫و ما أكثرها٫و تتلاشى معها مطالب المجتمع المدني بالمحاسبة و تحديد الجناة…!
لا عجب إذا ما غرقت مدن الجنوب في الفيضانات و ذهبت أرواح العشرات من المواطنين سدى٫ بدون محاسبة و تم إلباس التهم للرياح و التساقطات المطرية الكبيرة٫ حتى أنها إستطاعت جرف قناطر لم تمر على تدشينها سوى الشهور٫و لا يجب علينا الإستغراب كذلك و نحن ننتظر ظهور نتائج التحقيقات في كارثة إستعمال أكبر كراطة في التاريخ بملعب محمد بن عبد الله بعد غرقه و إمتداد فضيحته لأقصى بلدان العالم..
فإلى متى سيظل قدر الشعب المغربي حبيس سياسات فاشلة لدولة تعتمد المسؤولية بدون محاسبة٫و ينتظر تفعيل بنود ذلك الدستور المغربي الذي قيل عنه أنه الجديد٫ حيث أضحى قديما و لم يتم إعتماد بعد ذلك البند العريض ” مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ” ٫الذي بدونه أصبح الفساد يتجسد في أجسام التماسيح و العفاريت٫ بدون أن يمتلك الحاكمون الفعليون الجرأة على محاسبتهم٫ ليصبحوا جزءا من مسرحية تنسج فصولها وراء ظهران الشعب المغربي الذي لا يزال ينتظر ذلك التغيير…!!
ملحوظة :
مشروع تشييد قاعة مغطات بالعرائش (بغابة لايبيكا)
صاحب المشروع : بلدية العرائش
المهندس المعماري : محمد سعد – عبد السلام بنكريمو
مكتب الدراسات : راما دراسات
المقاولة : عالم البناء
مكتب المراقبة : سوماصيب
المختبر : تيست بويلدينج