العرائش سيتي: بقلم :ع – ن
منذ عدة أشهر نزل إلى شوارع سيول عاصمة كوريا الجنوبية ألاف المواطنين من اجل الاحتجاج ليس لكون احد مواطنيهم مات ميتة مهنية داخل شاحنة لنقل النفايات ، أو لكون نسبة البطالة فاقت العشرين في المائة ،أو لأن المؤسسات الصحية لا تقدم ابسط الخدمات الطبية ، وليس بسبب انعدام فرص الشغل أو التوزيع الغير العادل للثروة ، وإنما بسبب شبهة فساد حامت حول رئيسة البلاد “بارك غيون” تمثلث في القيام بمعاملات مشبوهة مع المجموعة الصناعية “سامسونغ” ، ومع إصرار المحتجين على موقفهم بادر البرلمان الكوري إلى سحب الثقة من الرئيسة وقدمت إلى العدالة وكل المتورطين معها بعد ثبوت الأفعال المنسوبة إليهم .
و أثناء طيلة فترة الاحتجاج لم يتعرض المحتجون للسب و لا للضرب و الاعتقال المجاني و لا لتشويه سمعتهم أو اتهامهم بزرع الفتنة أو زعزعة استقرار البلاد ، ولم يوصفوا بالخيانة أو العمالة لجهة معادية ، إيمانا من الكوريين أن الاحتجاج حق مشروع يكفله الدستور ومظهر من مظاهر التحضر و الديمقراطية الحقة التي تضمن التنمية الشاملة والرقي إلى المكانة التي تنشدها الشعوب الحرة وذلك عن طريق محاربة الفساد و المفسدين .
هذا المثال الكوري أستحضره تزامنا مع احتجاجات الريف المغربي التي أفرزت ظواهر غريبة وشادة ، من قبيل اتهام المحتجين بالخيانة والعمالة ، وأصبحنا نستيقظ كل صباح على تسجيلات وفيديوهات مفبركة تتفق على شيطنة الاحتجاج وتبخس نضال المحتجين ، لكن يبقى أغرب موقف في هذا الإطار هو موقف أحزاب الأغلبية المشكلة للحكومة والتي بدورها رمت المحتجون بالانفصال في موقف مناقض تماما لكل قواعد الحريات الذي تنادي بها جل الأحزاب السياسية في العالم ، والتي تجعل من أهم رسائلها ترسيخ ثقافة الحق والحرية والتطبيق التام لمواد الدستور .