سعيد الغازي/نيس جنوب فرنسا…..
يبدوا ان المجلس البلدي بمدينة العرائش اصيح شهيرا داخل دواليب المحكمة الادارية بالرباط بعدم تنفيذ الاحكام و تحقير مقررات القضاء، منذ اكثر من تلاتة سنوات عندما قمت بتبليغ حكم نهائي حائز لقوة الشيئ المقضي به الى مكتب الضبط ببلدية العرائش اخبرني السيد مأمور اجراءات التنفيذ بالمحكمة الادارية و بكل صراحة انه يكره هذه البلدية لكثرة مشاكلها و عدم احترامها لاحكام القضاء، اعتقدت ساعتها ان السيد الكريم يبالغ بعض الشيئ و أن تنفيذ الاحكام الادارية ماهو في النهاية الا مسالة وقت فقط بحكم الاجراءات البيروقراطية التي تعرقل مثل هاته القضايا، لكن بعد سنوات من الاجراءات المسطرية داخل المحكمة و خارجها من جديد حرر لي مأمور اخر محضر امتناع القابضة الجماعية عن تنفيذ الحكم بدعوى عدم توفر الموارد المالية اللازمة، المشكلة ان الاجراءات تم استفاذها عن بكرة ابيها و لم يعد هناك ما اقوم به الا متابعة المسؤولين عن التنفيذ بصفتهم الشخصية و ليست الوظيفية وهو الامر الذي افكر فيه جديا هذه الايام.
الطريف في الامر ان السيد مأمور اجراءات التنفيذ في المحكمة الادارية بالرباط و الذي قام بواجبه خير قيام و بتفاني قل نظيره في مجتمعنا، أجاب عن سؤالي حول مدى فعالية تصريحات السيد رئيس الحكومة حول مسألة ضرورة تنفيذ الدولة للاحكام الصادرة في حقها ، بانه مجرد كلام إنشائي لا طائل من وراءه ، و من سخرية القدر ان رئيس المجلس البلدي الذي يمتنع عن تنفيذ حكم باسم الملك ينتمي الى حزب رئيس الحكومة الذي يتحدث عن القانون و دولته و حقوق وواجبات المواطنين.
كمواطن مغربي لا يمكنني الا انظر باحتقار شديد الى رئيس حكومة يتبورد في البرلمان على معارضة وهمية بدعوى الشرف و الامانة بينما ممثلي حزبه في الاقاليم ياكلون حقوق الناس الثابتة بموجب احكام قضائية نهائية جهارا نهارا بلا خجل او تانيب الضمير، لتجدهم بعد ذلك في الصفوف الامامية يوم الجمعة و في الاعياد و المواسم يمارسون التقوى الزائف من اجل اصوات انتخابية تعيدهم الى مراكز المسؤولية من اجل ممارسة هوايتهم من جديد في الفساد و انعدام المسؤولية. ان الغرض من كتابة هاته السطور هو فضح الفجوة السوداء الكبيرة بين الخطاب و الممارسة، و لكي يعرف المواطن اي ادارة نتوفر عليها في هذا البلد. ان عدد المواطنين البسطاء الذين تتراكم ملفاتهم في المحكمة الادارية ضد المجلس البلدي يتزايد باستمرار و لقد سمعت قصصا في دواليب المحكمة حكاها لي الموظفون بتأثر شديد وهم يلعنون هذا الظلم الذي لا يستطعون رفعه رغم ان هذا هو عملهم الرئيس. لدرجة ان اطارا عاليا في هاته المحكمة توجه الى قائلا بتأثر بالغ: اتعرف يا سيدي انني فكرت اكثر من مرة في ترك هذا العمل ، لماذا ناخذ اجورا مادام عملنا لا قيمة له و مادامت الاحكام التي هي فيها نهاية حقوق الناس لا تجد طريقها لتنفيذ؟؟
دعنا في هذا المقام ننقل هذا السؤال الى السيد الرميد الذي تعهد باصلاح القضاء: مامعني اصلاح القضاء ان كانت الادارة لا تحترم احكامه؟؟
و مامعنى برنامجكم الاصلاحي ان كان منتخبيكم في موقع المسؤولية أول من يحتقر القضاء و يرفض تنفيذ الاحكام؟؟
اما بالنسية لسيد رئيس الحكومة فاني لن اناشده بان يقرن القول بالفعل و يرفع سماعة الهاتف ليأمر مسؤولي حزبه في المجلس بالعرائش بالانصاع الى احكام القضاء، لانني بكل صراحة لا أناشد من الناس الا من أكن له احتراما و تقديرا مثل السادة القضاة و موظفي المحكمة الادارية في الرباط الذين قاموا بواجبهم خير قيام، اما السادة الوزراء الذي يقولون الشيئ و يأتون بضده وهو جرم لو يعلمون عظيم، فلا حديث عنهم و لا معهم فالحق واضح و الساكت عنه….